Thursday, July 25, 2019

يريد الرئيس الأمريكي ترامب أن يعود البش

تثير عجلة ذات 12 دولابا غمامة من الغبار رصاصي اللون أثناء مسيرها في الأرض غير المستوية. تتميز "شاحنة الفضاء" هذه بمقصورة قيادة معدلة الضغط مما يتيح لرائدي الفضاء داخلها التنفس بشكل طبيعي دون الحاجة لبذلات فضاء.
يشعر الرائدان بالإرهاق بعد يوم قضياه بالبحث عن مخزونات مائية وجليدية على مسافة بضعة كيلومترات من قاعدتهما.
هذا المشهد يمثل القمر في عام 2050.
وبينما تلتف العجلة حول الحزام المرتفع لحفرة قمرية كبيرة، يرى الرائدان التماع المرايا المثبتة على حافة الحزام. تقوم هذه المرايا بتوجيه ضوء الشمس نحو داخل الحفرة القمرية وتزويد منجم نصب داخلها يقوم باستخراج الماء والجليد بالطاقة. وتمر العجلة إلى يسار قاعدة إطلاق وهبوط سوِّيت باستخدام أشعة المايكروييف، حيث تقف مركبة الإنطلاق بانتظار الإنطلاق نحو الفضاء.
وتتوقف العجلة أخيرا قرب قباب قاعدة تقع في القطب الجنوبي للقمر. ويلج الرائدان المكان الذي يقيمان فيه من خلال حجرة مكيفة الضغط وينزعان بذلتيهما الفضائيتين المتسختين بغبار القمر. وفي داخل مكان الإقامة، يمكن مشاهدة اشعاعات غريبة الألوان تبثها مصابيح LED وهي تنبعث من بيت زجاجي تنمو فيه البطاطا والكرنب. يتسلق الرائدان سلما يؤدي بهما إلى طابق علوي حيث ينتظرهما قائد الرحلة ليستمع إلى التقارير التي سيوافيانه بها عن نشاطاتهما لذلك اليوم.
تبدو السيناريوهات كهذا السيناريو نسجا من الخيال، في عالمنا اليوم على الأقل، ولكنه يشرح طريقة واحدة يمكن للبشر أن يعيشوا بها على سطح القمر.
فلو كنا نبتغي تأسيس قاعدة تصلح للإقامة الطويلة الأمد على سطح القمر، ينبغي علينا استغلال الموارد الموجودة فيه لإشباع احتياجاتنا.
في المختبر الذي تعمل فيه في الجامعة المفتوحة في مدينة ميلتون كينز وسط إنجلترا، تجتهد طالبة الدكتوراه هانا سارجنت في سبيل التوصل إلى حلول لمعضلة الإقامة في القمر، وذلك باستخدام معدن يقال له "إيلمنايت" موجود بكثرة في التابع الأرضي.
يسخّن الإلمنايت في فرن لأجل استخراج الأوكسجين المخزون داخله، ومن ثم يدمج هذا الأوكسجين مع الهيدروجين لتكوين الماء.
تقول العالمة الشابة "هناك أكثر من 20 طريقة لاستخراج الماء من الصخور في القمر، ولكن اهتمامنا منصب على الإلمنايت بالتحديد لوفرته أولا ولأن التفاعل الضروري لتكوين الماء منه لا يحتاج إلا لكم قليل من الطاقة.
وتقول إنها تشعر بحماس كبير لإمكانية عودة البشر إلى القمر للمرة الأولى منذ عام 1972.
وتضيف "أشعر بأن جيلي سينفذ هذه المهمة بالتأكيد، وإني على ثقة بأن ذلك سيحصل في حياتي. سيكون لنا على أقل تقدير وجود دائم في مدار حول القمر يهبط منه الرواد إلى سطحه ويعودون بشكل عادي.
وقّع دونالد ترامب في عام 2017 على أمر رئاسي يخص سياسة أمريكا الفضائية يقضي بارسال رواد فضاء أمريكيين إلى القمر و"مقاصد أخرى". وقالت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" إنها ستعمل على تنفيذ ذلك قبل حلول عام 2028. ولكن في الآونة الأخيرة، أمرت ادارة ترامب الوكالة بتقديم الموعد إلى عام 2024، وذلك بحجة التفوق على الصين التي لها طموحات هي الأخرى لاستكشاف القمر وارسال بعثات مأهولة إليه. ولكن قليلين هم الذين لم يلحظوا أن التاريخ يتوافق مع السنة الأخيرة لولاية ترامب الثانية - اذا أعيد انتخابه في 2020 بطبيعة الحال.
تريد ناسا هذه المرة أن تكون مهمة التوجه إلى القمر مختلفة عن سابقاتها في القرن الماضي. فالذهاب إلى القمر هذه المرة سيكون جزءا من طموح أكبر وأوسع يشتمل على استكشاف الفضاء العميق بما في ذلك كوكب المرّيخ. ولذا سيكون موضوع تأسيس قاعدة متقدمة على سطح القمر جزءا من هذه الخطة الجديدة.
قال مدير ناسا، جيم برايدنستاين، في وقت سابق من العام الحالي "لسنا ذاهبين إلى القمر من أجل ترك بضعة أعلام وآثار أقدام على سطحه ثم لا نعود إليه لخمسين سنة أخرى. نحن ذاهبون لنبقى بشكل دائم ومستدام مع كل ما نحتاج إليه من مركبات هبوط وعربات وبشر".
ولكن هل لناسا القدرة على القيام برحلة جديدة آمنة إلى القمر قبل حلول الموعد النهائي المحدد، خصوصا إذا أخذنا بنظر الإعتبار أن المعدات الضرورية لانجازها لم تنتج أو تُختَبَر؟
بهذا الصدد، يقول كبير أساتذة العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن في العاصمة الأمريكية جون لوغسدون "ستكون مهمة محفوفة بالمخاطر، ولكن إذا لم نكن راغبين بالمخاطرة يجدر بنا البقاء هنا على الأرض. الموضوع يتعلق بإيجاد توازن بين المخاطرة والفعل".
أطلق على رحلات ناسا السابقة إلى القمر اسم الإله الإغريقي أبولو. أما الرحلة القادمة فسيطلق عليها اسم أرتميس، شقيقة أبولو التوأم حسب الميثولوجيا الإغريقية. وثمة تكهنات حول هوية أول رائدة فضاء تطأ قدماها سطح القمر.
وسبق لبريدنستاين أن قال لقناة سي أن أن الأخبارية الأمريكية "ستكون واحدة أثبتت جدارتها، واحدة سبق لها أن شاركت في رحلة مدارية وكانت من الذين عملوا في المحطة المدارية الدولية".
تتمتع ستيفاني ويلسون بأطول خبرة بين الرائدات في مجال التحليق، إذ سبق لها أن شاركت في ثلاث مهمات في المكوك الفضائي. أما ترايسي كالدويل وسونيتا ويليامز فقد شاركتا في رحلتين لكل منهما.
وفيما يخص الخبرة التي يستحسن أن يتمتع بها رواد اليوم، يقول مايكل بارات، وهو رائد فضاء وبروفيسور شرف في كلية الطب التابعة لجامعة أكستر في بريطانيا "نطالب اليوم بكم أكبر من الأداء العملي من رواد الفضاء مما كنا نطالب به من قبل".
ويمضي للقول "فرائد فضاء اليوم يقود مركبة متعددة المناشئ لستة شهور، ويجب أن يكون مدربا تدريبا عاليا في مجالات شتى كالسباحة في الفضاء واستخدام الأذرع الآلية وشتى أنواع المعدات الأخرى، وأن يكون ملما باللغتين الإنجليزية والروسية، وعليه أيضا أن يتأقلم جيدا مع الوحدة والإقامة في حيّز ضيّق لفترات تناهز 6 شهور".